عدد الرسائل : 156 الموقع : shabab4ever المزاج : لا احد يستحق دموعك .. وان استحقها فلن يدعك تذرفها رقم العضوية : fine تاريخ التسجيل : 29/03/2008
موضوع: عن الناموووس حدث ولا حرج الجمعة 27 يونيو 2008 - 18:49
حشرة كل وظيفتها هي أن تحرمك من النوم، ذلك أنها تمارس عملها أثناء الليل، حتى لا تتعدى على عمل أصدقائها من الحشرات الأخرى التي تضايقك أثناء النهار!
بمجرد أن تقرر النوم وتطفئ الضوء، وتتخذ وضعاً مريحاً في السرير تتحول فيه طاقة الحركة إلى طاقة وضع، حتى تفاجأ بالزنة الرهيبة تدوي في أذنك، وعلى الفور تتحول طاقة الوضع إلى طاقة حركة مرة أخرى عندما تقفز من السرير مترحّماً على أيام الشتاء.
ولا تهتم الناموسة بوجود الضوء من عدمه، فهي ليست مثل الذباب الذي يكفي أن تطفئ الأضواء حتى يهبط ويستكين إلى أقرب سطح إلى أن يظهر الضوء مرة أخرى، فالناموسة تظل تعمل في الضوء وفي الظلام، فهي لا تحتاج إلى الرؤية لتحديد موضع ضحيتها، وإنما تحدد موضعها عن طريق رائحة العرق، كما يمكنها أن تتعرف على ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج أثناء التنفس، والأكثر من هذا أنها تشعر أيضا بحرارة الأجساد، فإذا أردت أن تهرب من الناموس عليك أن تتوقف عن التنفس، وأن تغمر نفسك في بانيو مليء بمكعبات الثلج مثلما فعل "توم كروز" في فيلم Minority Report!
أضع وسادة على رأسي وأخرى أسفلها، فيدور الناموس ويدخل لي من الفتحة الصغيرة بين الوسادتين، وتعود لي الـ"ززززززز". أغطي نفسي بالكامل بالملاءة، لكني لا ألبث أن أختنق بعد قليل فأضطر إلى فتح فتحة صغيرة للتنفس، ولدخول الناموس أيضا! قد يقول قائل: ولم لا تستخدم المبيدات الحشرية وتنهي المشكلة، فصحيح أن المبيد الحشري سيقضي على الناموس في ثوانٍ، إلا أنه سيقضي عليّ أنا أيضا؛ لأني لا أتحمل رائحته، مثلي في هذا مثل الناموس تماما! أما أقراص طرد الناموس فتسبب لي الحساسية وتزيد حالة جيوبي الأنفية سوءاً.
وأنا لا يهمني القَرْص بقدر ما تهمني الـ"ززززززز". لا مانع لديّ من أن أُقرَص طوال الليل ثم أكتشف ذلك في الصباح، لكنني أقشعرّ عندما تمر الناموسة بأجنحتها الطنانة بجوار أذني. لا بد أن أقوم وأشعل الأضواء وأظل أبحث عن الناموسة، إلى أن أجدها مستقرة على الحائط فأفعصها بالشبشب شرّ "فعصة"! أعود إلى النوم مطمئنا، لكن لا تمضي دقائق حتى أفاجأ بالـ"ززززززز" مرة أخرى! ومرة أخرى أقوم وأشعل الأضواء وأواصل البحث، وهذه المرة أجد واحدة أخرى على السقف. وهل يمكن أن يثنيني ارتفاع السقف عن الوصول إلى الناموسة واغتيالها؟ بالطبع لا! أحضر الكرسي وأقف عليه ومعي منشفة، أحكم التصويب جيدا، ثم "أرزعها" بالمنشفة بكل قوتي. ها هي ضربة ناجحة أخرى، لكني فوجئت بأن بقعة كبيرة من الدم الأحمر القاني قد لوثت السقف، وقد راعني أن هذا هو دمي أنا شخصيا الذي امتصته الناموسة!
عدت إلى السرير محاولا تناسي مأساة دمي المهدر، إلا أن أسرة الناموس المترابطة أبت إلا أن تنتقم، فظلت تزن في أذني لأقوم وأبحث عن أفرادها المزعجين، متسلحا بالفوطة وفردة الشبشب، وهكذا دواليك. ومع استمرار عمليات المكافحة، صرت أكثر خبرة ودراية بالعلاقة بين شكل الناموسة ودلالة هذا الشكل على ميكانيزم القَرْص، فالناموسة الرفيعة الخفيفة هي ناموسة جائعة نهمة أكثر إصرارا على القرص، أما الناموسة السميكة التي يميل لونها إلى الأسود وتميل إلى الخمول فهذه ناموسة امتلأ بطنها بالدم، وتريد أن تحصل على بعض القيلولة بعد الغداء، وهذه كنت أعطيها ضربة أقوى انتقاما منها!
لم أنم طيلة الليل، وفي الصباح كانت دمائي تلطخ السقف والحوائط، في لوحة سريالية دموية من الطراز الأول!